أسرار و معاني سورة العاديات
بقلم: أ.د.عمرو حسن الحسني أستاذ المخ و الأعصاب جامعة القاهرة
#بوست_الجمعه النهارده عن سورة في القرآن طالما قرأناها و قصرنا في فهم معانيها .. سورة هي أحد أقرب سور القرآن إلي قلبي .. كنت أحب ألفاظها و نسقها دون أن أفهم معانيها .. و بعد أن فهمت معانيها أصبحت أعشقها و أكاد أبكي في كل مرة أقرأها ..
سورة العاديات ❤
تلك السورة التي أقسم فيها ربنا بالخيل 🐴🐴و رسم لها صورة مجسمه 3D في ٥ آيات (يعني تقريبا نصف السورة البالغ عدد آياتها ١١ آية) عشان يقسم علي حاجه تخص الإنسان
"وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا"
أقسم تعالى في هذه الاية بالخيل التي تعدو جريا
و العاديات جمع عادية، وهي التي تسرع في الجري و المقصود بيها الخيل اللي بتجري في أرض المعركة
ضبحا, الضبح هو صوت نفسها في صدورها عند اشتداد الجري
و هذا الصوت هو غير الهَمْهَمَة وغير الصهيل
"فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا"
الموريات: جمع مورية، و الايراء غير الايقاد
فالإيراء إخراج نار عن طريق احتكاك وليس عن طريق الإشعال المباشر
كما قال تعالى " أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَالَّتِي تُورُونَ"
اذن فالخيل إذا ضربت بحافرها على الحجارة خرج منها نار و ده دليل على شدة جريها و قوته و حماستها في أرض المعركة
"فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا"
هذه الخيل تغير في الصباح الباكر على العدو
"فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا"
و تثير نقعا أي غبارًا في أرض المعركة بحوافرها، و إثارة النقع يدل علي شدة الجري.
"فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا"
و تدخل الخيل أرض المعركة حتى تصير في وسط جموع العدو.
ثم يأتي جواب القسم مفاجئا😳
ربنا بيقسم بالخيل و هي في هذا المشهد .. بيقسم على حاجه تخصنا نحن بنو البشر
بيقول
"إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ"
الانسان الكنود هو الكفور للنعمة فلا يشكرها
تلاقيه يقعد يعد المصائب و ينسى نعم ربه عليه
وفي تقديم "لربه" و ما يفيده من الحصر و ما في ذلك من المبالغة في الذم و شدة كفرانه لنعمه التي لا تعد ولا تحصى
و كلمة "لربه"😍 كلمه رقيقه و حنينه جدا مقالش "لله" و لا "للخالق"
و يأتي السؤال ما علاقة الخيل و المشهد ال 3D بجحود الإنسان و كفره بالنعمه 🤔🤔
و كأن ربنا بيقول أن هذه الخيل اللي عندها استعداد تعمل كل ده من أجل صاحبها اللي بيطعمها و عشان خاطر بس هو صاحبها و بيطعمها ممكن ترمي نفسها للهلاك عشانه و انت يا إنسان تجحد نعم من خلقك و أطعمك و ألبسك و علمك و..و..و.. إلخ ... ياه إيه القسوة دي💔
"وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ"
أي أن الانسان على ما يعرفه من نفسه من المنع و الكند لشاهد
يعني كمان بجح و عارف كده كويس 😏
مش بس بجح .. كمان طماع
"وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ"
أي كثير الحب للمال, و ممكن يحتال ايما حيلة للحصول على المال
و هذا الحب هو اللي يخليه أحيانا يترك الحقوق الواجبة عليه
فيقدم شهوة نفسه على رضا ربه
و المصيبة أنه مش هيفوق إلا بعد فوات الأوان
"أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ"
ألا يعلم هذا المغتر ما هو حاصل اذا اخرج ما في القبور؟ فاخرج الله الاموات من قبورهم لحشرهم و نشورهم؟
"وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ"
كل شيء أنكشف و بان
و ظهر ما استتر في الصدور من كمائن الخير و الشر
فصار السر علانية و الباطن ظاهرا
"إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ"
أي أنه سبحانه عالم ببواطن أعمالهم و ما أسروه في صدورهم
السورة دي بتعلمنا حاجات كتير أوي :
1- انت زعلان من جحود الناس و المقربين و اللي خدمتهم و اللي عالجتهم و اللي أكرمتهم و اللي حبيتهم و اللي عملت عشانهم كتير و كتير و اللي ضحيت عشانهم و تعبت عشانهم و حطتهم جوه عينيك .. زعلان أوي يعني من نكرانهم لجميل صنيعك .. متزعلش .. عملوا كده مع اللي خلقهم .. مش هيعملوا كده معاك .. !
٢- ربنا بيقول "و قليل من عبادي الشكور" .. لما تلاقي بيحفظ الود و يحفظ الجميل و يحفظ المعروف.. امسك فيه .. متسبهوش .. ده من القلة القليله من عباد الله اللي شذوا عن قاعدة الحجود و النكران
٣-عجيب أمر هذا الإنسان.. لا يستطيع أن يتخلى عن شحه و بخله و حبه للدنيا و كفرانه للنعم .. يعني هتفضل طول عمرك كده ؟؟!!😒 عمال تجري و ترمح زي الخيل ورا الفلوس و المال و الخير ...و في الآخر ربنا هيسألك و هيحصل ما في صدرك لا ما في جيبك.. فأصلح بوصلتك و أهدافك.
٤- زي في جهاد العدو بيتم اعداد العدة بتجهيز الخيل العاديات ترقبا للغزوة. يجب عليك من الآن اعداد العدة في جهاد نفسك ترقبا للبعث و الحساب فالدنيا الى فناء كما المعركة و الغزوة ستنتهي لا محالة.
٥- أخيرا و ليس آخرا .. القرآن جميل أوي للي يفهمه .. و قراءة أي سورة بعد فهم معانيها يختلف تماما عن القراءة و فقط .. و عدم محاولتنا أصلا لتحري معاني القرآن هي أحد أوجه جحودنا لنعمة القرآن .. فلنقبل على فهم و تدبر القرآن في شهر القرآن